أحمد رباص – موطني نيوز
ربما يؤثر قرار البريطانيين الخاص بخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي على وضع جبل طارق، الجيب البريطاني على ساحل اسبانيا الجنوبي، فحسب تصريحات وزير الخارجية الإسباني، فإن خروج بريطانيا سيغير من إطار المفاوضات حول جبل طارق.
في صلة بهذا الموضوع، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل غارسيا إن قرار بريطانيا الخاص بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي سيغير من إطار المفاوضات مع بلاده حول جبل طارق. ونقلت محطة “اوندا سيرو” الإذاعية عن غارسيا قوله إن المحادثات المستقبلية لن تشمل علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، ولكن سيتم إجراؤها على أساس ثنائي بين بريطانيا وإسبانيا.وقال الوزير الاسباني إن بلاده تقترح أن تتقاسم مع بريطانيا السيادة على الجيب البريطاني عند طرفها الواقع في أقصى الجنوب.
وتابع غارسيا :”إن العلم الاسباني بدأ يقترب من صخور جبل طارق”. وقال على جبل طارق أن يقرر نوع العلاقة التي يرغب في إقامتها مع الاتحاد الأوروبي، خصوصا إذا كانت هناك رغبة في استمرار الشراكة مع السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إن حقوق الإسبان الذين يعيشون أو يعملون في جبل طارق لن تتأثر على الأقل حتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في غضون عامين. ونقلت وكالة الأنباء الاسبانية (إفي) عن راخوي قوله إن “كافة الحقوق الممنوحة لهم كونهم أسبان كمواطنين أوروبيين ستظل كما هي، دون أية قيود، طالما لم يستكمل التفاوض بشأن خروج المملكة”.
حتى هذا اليوم ، يؤسفني أن أقول إن بلدًا مؤيدًا لأوروبا مثل إسبانيا سيصوت، إذا لم يكن هناك تغيير، بلا ضد البريكسيت (خروج بريطانيا بريطانيا من الاتحاد الأوربي). هذا ما صرح به يوم أمس الثلاثاء 20 نونبررئيس الحكومة الإسبانية، الاشتراكي بيدرو سانشيز. قصده واضح لا غبار عليه: إذا لم يميز اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي الأسود عن الأبيض في مصير جبل طارق بمجرد سريان البريكسيت بحيث يجب التعامل معه بشكل منفصل، خلال المناقشات الثنائية بين مدريد ولندن، فإن إسبانيا ستعترض على النص.

يريد الإسبان تأمين ممارسة حق النقض على وضع جبل طارق فيما يعرف في بروكسل بـ “العلاقة المستقبلية” بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي سيستمرالتفاوض بشأنها بعد الخروج الفعلي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس 2019.
هذا الادعاء ليس جديدً. فأثناء انعقاد المجلس الأوروبي يوم 31 مارس 2017، حصلت إسبانيا على حق النقض (الفيتو) على جميع القرارات التي تؤثر على هذه المنطقة الواقعة في الطرف الجنوبي من الأندلس، والتي مافتئت تطالب باسترجاعها. منذ شهر مارس الماضي، كانت “الصخرة”، التي وصفت ب”مستعمرة بريطانية” من قبل الأمم المتحدة، ب”ملاذ ضريبي” من قبل مدريد وب”إقليم ما وراء البحار” من قبل لندن ، موضوع مفاوضات مكثفة بين الوفود البريطانية – ضمنها ممثلي جبل طارق – والإسبانية.
وهكذا تم إرفاق بروتوكول خاص بشأن جبل طارق باتفاق البريكسيت، مثلما هو الشأن مع قبرص أو أيرلندا الشمالية. ويضمن حرية تنقل 000 14 عامل عبر الحدود خلال الفترة الانتقالية، ويحدد الإجراء الخاص بالمفاوضات المستقبلية بين لندن ومدريد، وينص بالفعل على إنشاء ثلاث لجان ثنائية لمعالجة ستة قضايا رئيسية، بدءا من حقوق العمال الحدوديين ووصولا إلى محاربة تهريب التبغ، مرورا بالصيد ، البيئة أو التعاون الضريبي بين الشرطة والجمارك.
لكن المادة 184، التي أضيفت في وقت متأخر إلى مسودة اتفاق البريكسيت ، تسببت لإسبانيا في بعض القلق. ويعتقد المحامي العام للدولة أن وراء هذا النص الغامض المؤلف من ستة أسطر، والذي يربط “العلاقة المستقبلية” للاتحاد الأوروبي مع المملكة المتحدة بـ “الإعلان السياسي”، الذي ينبغي مع ذلك التصريح به.
وقال وزير الخارجية الإسباني جوزيب بوريل للصحفيين يوم الاثنين الأخير: “يجب أن يكون واضحا أن ما يجري التفاوض عليه هو إطار إقليمي لا يشمل جبل طارق.” “إن لغات الفيتو والاستبعاد يجب أن تدخل في عداد لغات الماضي”. كان هذا رد فعل رئيس وزراء فابيان بيكاردو، في بيان تم التعهد فيه بأن الحكومة البريطانية “لن تستبعد مفاوضات جبل طارق من العلاقة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي”.
أخشى ما تخشاه إسبانيا هو أن يدرج جبل طارق في “المنطقة الجمركية الواحدة” التي تصورتها بروكسل للمملكة المتحدة، دون أن يكون لها في ذلك رأي. لا بأس على مدريد من مواجهة هذا الخطر إذا كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يسمح لها بالضغط على الصخرة، على ضرائبها المفيدة للغاية، وعلى الشفافية المالية أو محاربة تهريب التبغ، الشيء الذي اعتبره الكثير من الإسبان.غير كافٍ.
لا أحد يعتقد في ببروكسل أن المخاوف الإسبانية يمكن لها أن تساهم في زيغان قطار البريكسيت عن سكته، لكنها مخاوف لا تزال تؤخذ على محمل الجد من قبل الدبلوماسيين، الذين يعملون جاهدين لإرضاء مدريد قبل نهاية هذا الأسبوع، في محاولة لتعديل هامش مشروع المعاهدة.
من المقرر أن يطرح الموضوع على جدول أعمال اللقاء الذي جمع جان كلو يانكر ، رئيس المفوضية الأوروبية، بتيريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية ، والذي جرى يومه الأربعاء 21 نونبر في بروكسل. وقال مارغريتس شيناس كبير المتحدثين باسم المفوضية يوم الثلاثاء: “نحن على علم بقلق الحكومة الإسبانية ونحن نعمل تبديده” .
يذكر أن شبه جزيرة جبل طارق تقع في المضيق البحري الفاصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي. ورغم أن اسبانيا سلمت المنطقة في عام 1713 إلى بريطانيا، إلا أن مدريد تطالب باستمرار بإعادتها إليها. لكن عضوية البلدين في الاتحاد الأوروبي خففت كثيرا من التوتر بينهما بهذا الشأن.